توسعة المسعى بين حق المنسک وحق الناسک رؤية شرعية في دراسة فقهية تأصيلية مقارنة

نوع المستند : أبحاث متخصصة فی الفقه والأصول

المؤلف

أستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر وعضو اللجنة العلمية الدائمة لترقية الأساتذة

المستخلص

السعي عند الفقهاء هو المرور أو قطع المسافة الکائنة بين جبلي الصفا والمروة المعروفين بمکة المکرمة بعدد مخصوص وبصفة مخصوصة.
وقد احتاج المسلمون إلى توسعة المسعى على مدار تاريخهم لتزايد أعداد الناسکين، ويحکي ابن کثير المتوفى 774هـ عن بعض علماء عصره أن ما بين الأميال التي يحسن فيها الرمل أوسع من بطن المسيل الذي رمل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم. کما يحکي البجيرمي وغيره أن عرض المسعى کان خمسة وثلاثين ذراعا فأدخلوا بعضه في المسجد.
وشعيرة السعي بين الصفا والمروة وظيفة دينية خالدة تجمع بين رعاية حقها من الإقامة على الوجه المشروع وبين حق الناسک القائم على تجنيبه ما لا يطاق من التکليف بالإضافة إلى رفع الحرج عن امتثاله.
وقد يحدث التعارض بين حقي المنسک والناسک من منظور المصلحة المرسلة مثل التيسير على الناسکين في الزحام مما يختلف فيه الفقه ويرجع سبب هذا الخلاف إلى ثلاثة أمور هي:-
1-   مدى احتساب التزاحم سببا لتعارض حقي المنسک والناسک في السعي.
2-   أثر تعارض حق الله تعالى مع حق الآدمي وسرايته على المنسک والناسک في السعي.
3-   طرق الجمع بين حقي المنسک والناسک في السعي عند التزاحم.
وقد انتهى البحث إلى تقرير أن توسعة عرض المسعى أفقيا بما يشمل حدود جبلي الصفا والمروة ليس اعتداء على المسعى القديم، وإنما هو تصحيح لما ضيق الناس على أنفسهم فيه، فهو مسعى حقيقي وليس حکميا، کما أن توسعة عرض المسعى بما يجاوز حدود جبلي الصفا والمروة وبما يحاذيهما، وکذلک التوسعة الرأسية بکل صورها تدخل في حکم المسعى، وحکم الشيء ومظنته کالشيء، کما نص على ذلک القرافي وغيره.
وقد أوصى البحث العلماء بالعمل على درء الفتن بين المسلمين، وعدم إصدار فتاوى تشکک الناسکين في نسکهم لمجرد الاختلاف الفقهي؛ خاصة إذا کان الاجتهاد من ولي الأمر بعد استبانة الأوجه الفقهية المختلفة.