أثر الاحتمالات الواردة على معنى النص الشرعي في اختلاف الفقهاء (تغيُّر الإعراب والتصريف أنموذجًا)

نوع المستند : أبحاث متخصصة فی الفقه والأصول

المؤلف

مدرس الفقه المقارن بكلية الشريعة والقانون بطنطا

المستخلص

الحمد لله الذي نزل الفرقان، فيه تفصيل لكل شيء وتبيان، والصلاة والسلام الأتمان الأكملان على مَن جاء بالشريعة الكاملة الممتدة على طول الزمان، المستوعبة لكل ما استجد وكان، والموفية بحاجات الناس في مختلف العصور والأزمان، وفي التاريخ خير شاهدٍ على ذلك، وأصدق برهان.
أما بعد:
فإن النصوص الشرعية الواردة في الكتاب، والسنة تنقسم مِن حيث الدلالة على الحكم المستنبط منها إلى: ما هو قطعي في دلالته، فلم يكن بين الفقهاء خلاف فيما دل عليه مِن أحكامٍ، وهي التي لا تحتمل إلا حُكمًا واحدًا، كالتي تدل على فرضية الصلاة، والزكاة، والنصوص التي تُحرم الزنا، والخمر، وغير ذلك مِن نصوصٍ دالة دلالة قطعية على الحكم المستبط منها، وكان منها: ما هو ظني في دلالته عليها، فاجتهد الفقهاء في تعرف ما يدل عليه؛ لقبوله الاحتمالات النافية للقطعية، وهذا هو محل بحثنا ــــ إن شاء الله تعالى ــــ فهو يُبين أثر الاحتمالات الواردة على معنى النصوص الشرعية(الظنية الدلالة)، والتي مِن شأنها أن تجعل ألفاظ هذه النصوص مترددة بين أكثر مِن معنى؛ مما يؤثر بدوره في استنباط الحكم الفقهي منها، كما يؤثر أيضًا على دلالة ذلك النص المُحْتَمِل على الحكم الشرعي، فيتمسك كل فريقٍ مِن الفقهاء بواحدٍ مِن هذه الاحتمالات الواردة على النص بما يثبت عنده مِن دلائل تعضد اختياره لهذا الاحتمال، ومِن ثمَّ يجعل الفقيه هذا الاحتمال دليلاً، ومستندًا لما استنبطه منه مِن حُكمٍ فقهي. ثُم تعرضت لتغيّر الإعراب والتصريف كأنموذجٍ لهذه الاحتمالات الواردة على معنى النصوص الشرعية(الظنية الدلالة)، والتي أدت إلى اختلاف الفقهاء في الأحكام الشرعية فيما هو ظني في دلالته عليها، فاجتهد الفقهاء في تعرف ما يدل عليه، واستعانوا في ذلك بما يعرفونه مِن قواعد اللغة العربية وأساليبها، غير أن معرفتهم باللغة ودراستهم لها، واستعانتهم بأهل النظر والبصر بها قد انتهت بهم إلى نتائج مختلفة، ومبادئ متعارضة.([1])
 
([1]) أسباب اختلاف الفقهاء للشيخ الخفيف 1/106 بتصرف