الأحكام الفقهية المتعلقة بالمحتوى الساخر

نوع المستند : أبحاث متخصصة فی الفقه والأصول

المؤلف

مدرس الفقه بقسم الشريعة بكلية الدراسات الإسلامية والعربية –بنين- القاهرة

المستخلص

أصبح المحتوى الساخر ذو أهمية كبيرة؛ لما يشكله من تأثير في الكلام وعلى الرأي العام في الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي والتليفزيون، ولكثرة متابعيه وتنوع أساليبه، ولما يتمتع به من جذب للمشاهد والمستمع، مع سهولة في إيصال الفكرة وبيان مرادها دون عناء.
فالمحتوى الساخر هو مظهر من مظاهر الفكاهة والنقد، وهو سلوك يتضمن توجيه نقد يتسم بخفة الدم، بغرض تسليط الضوء على أمر ما، بأساليب مختلفة وأغراض متعددة، وهو جزء من الكلام ومن "الكوميديا" ومن برامج "التّوك شو" يتم من خلاله تقديم محتوى  مثير ومضحك، له بواعث وأساليب وأشكال متنوعة ومختلفة تقدم على القنوات التليفزيونية وشبكة الإنترنت.
ويُعد جزءًا من الفكاهة والمزاح والنقد والمحاكاة للآخرين تأييدًا أو رفضًا أو نقدًا أو تحريضًا، بأساليب متنوعة، صوتية ومرئية، ورسومًا ورموزًا وأدوات تعبيرية. تهدف لأغراض متعددة، فنية كوميدية وسياسية واقتصادية واجتماعية ودينية ونقدية، بأشكالها المتطورة المختلفة، فقد أضحى المحتوى الساخر فنًا من الفنون له تأثير كبير، ينفق عليه الأموال الكثيرة، ويجنى من خلاله أرباحًا مادية ومعنوية.
والضحك والمزاح ليس ممنوعا مطلقًا، وإنما مضبوطًا بضوابط شرعية، فيجوز المزاح والضحك وعمل برامج لها إذا كانت في أمور مباحة، مضبطة بالضوابط الشرعية، ويجوز العمل فيها ومشاهدتها بهذه الضوابط.
فإذا كان يقصد بالسخرية والمحتوى الساخر المزاح والضحك  وليس المعنى الظاهر وهو الاحتقار والاستهزاء، فيأخذ حكمها، فيجوز فيما هو مباح دون ارتكاب لمحرم، وإن كان له أهداف وغايات، فيباح فيما هو مباح، ويحرم فيما هو محرم، فالوسائل تأخذ حكم المقاصد. وإن قصد منه الاحتقار والتنقيص فهذا أمر منهي عنه، ويشتد الحكم إذا كانت تلك السخرية تتعلق بأمور الدين أو الشريعة أو الكتب السماوية أو الأنبياء.
فالمحتوى الساخر نوع من أساليب الكلام ومن الدراما الكوميدية، وهو الأسلوب الموجه للغير يقصد به أغراضا متعددة وأهدافًا متنوعة في صورة ضحك ومزاح؛ لتعبر عن أفكار الساخر أو البرنامج المقدم بصورة هزلية.
وتقع المسؤولية الشرعية والقانونية على كل ضرر وأذى يقع بسبب المزاح والضحك والسخرية، ويجب تعزير الساخر والمازح وفق ضرره وحجم خطره الواقع، مع تشديد الرقابة على الإعلام لضبط فيما يخرج عن المألوف ويفسد الذوق العام والقيم والأخلاق، ومعاقبة من يتجرأ على الدين والشعائر وأمن البلاد والعباد. هذا وبالله التوفيق.