کلمة العدد

المؤلف

الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم


بسم الله الرحمن الرحیم

الحمد لله رب العالمین والصلاة والسلام  على سیدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسلیمًا کثیرًا وبعد،

فها هی بحوث هذا العدد الجدید من مجلتکم الغراء مجلة دار الإفتاء المصریة، ویعلم القاریء الکریم مدى حرصنا دائمًا على أن تکون بحوث هذه المجلة ثرةً غنیةً متطورةً متجددةً کما هی طبیعةُ الفقه الإسلامی وقضایاه، ومعلومٌ أنَّ مجلة دار الإفتاء المصریة لها رؤیةٌ فقهیةٌ معاصرةٌ، تُسهم دائما فی تجدید الخطاب الدینی،  بما تقدمه من أبحاثٍ فی قضایا ومستجدات ونوازل، حیث تتسارع وتیرةُ الحیاة، وتتکاثر مستجداتها وحوادثها، وتزداد حاجة الأمة الإسلامیة إلى مواکبة البحث الفقهی والاجتهاد المعاصر فردیا کان أو جماعیا لتلک التطورات المتلاحقة التی أصبحت سمة من سمات هذا العصر ومعلمًا من معالمه، ولا شک أن حاجة الأمة الإسلامیة إلى تجدید الخطاب الدینی وتقدیم رؤیة جدیدة لأحکام الشریعة الإسلامیة تجمع بین المحافظة على الثوابت وملاحقة المتغیرات تزداد یومًا بعد یوم، وعلى الرغم من الأهمیة الکبیرة التی تحتلها جمیع العلوم الشرعیة فی عقل ووجدان کل مسلم، إلا أن الفقه الإسلامی یتمیز بأنه  ذلک الجانب من أحکام الشریعة الإسلامیة الذی یتلامس تلامسا مباشرًا على مدرا اللحظة مع حیاة الناس وواقعهم، لذلک تحتل الأسئلة والمشکلات الفقهیة الجانب الأکبر من استفسارات الناس وأقضیتهم وفتاویهم، ومن ثم فإنه یتحتم على الفقیه والمفتی والباحث المتصدر لهذا الشأن، مراعاة جانب التیسییر والمرونة فی ضوء مقاصد الشریعة المطهرة التی راعت مصالح الناس، فلقد عانى الناس وعانت المجتمعات کثیرا من ذلک الخطاب السطحی المتشدد، الذی علا صوته فی الأونة الأخیرة، وانعکس انعاکسا سلبیًّا على حیاة الناس وأخلاقهم ومعاملاتهم، حتى عانت بعض المجتمعات من الفتنة والانشقاق والتدمیر وسفک الدماء المحرمة، نتیجة الممارسات الفقهیة الخاطئة التی اتسمت بالتسرع والسطحیة والتجافی بعیدًا عن منهج مؤسسات الاجتهاد الجماعی المؤصل العریق، وکذلک عن مدارس الإفتاء الدقیق المنضبط الذی تعد دار الإفتاء المصریة رائدة من رواده بما تحمله من خبرة ومؤسسیة، وبما تمارسه من عمل علمی جماعی دقیق ودؤوب یغطی کافة قضایا العصر الحدیث.

وقد اشتمل هذا العدد على ثلاثة أبحاث مهمة:

الأول: عن الجهل ومدى تأثیره فی الأهلیة، وقد حدد الباحث ماهیة الجهل وأنواعه، وما یعد من هذه الأنواع عارضًا وما لا یعد، ومدى تأثیر هذه الأنواع فی الأحکام الشرعیة.

الثانی: عن قضیة الوعد ومدى إلزامیته فی الفقه الإسلامی، وهو من القضایا المهمة والمحوریة فی الفقه الإسلامی المعاصر؛ وذلک لابتناء کثیر من المعاملات المالیة المعاصرة علیه.

والثالث : بعنوان القول المبین فى الربا والتعامل به فى غیر  بلاد المسلمین دراسة فقهیة فى مذهب.

والله تعالى أسأل أن ینفع الدراسین والباحثین وکافة المسلمین فی مشارق الأرض ومغاربها بما فی هذه البحوث القیمة من علم وفقه واجتهاد، وأن یجعله فی موازین حسنات الأساتذة الباحثین، إنه ولی ذلک والقادر علیه، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمین.