التکرار والفور عند الأصوليين

نوع المستند : أبحاث متخصصة فی الفقه والأصول

المؤلف

مدرس أصول الفقه بکلية الدراسات الإسلامية والعربية- بنين- بالقاهرة

المستخلص

هذا البحث يجيب عن إشکالية إفادة الأوامر والنواهي لـ"التکرار والفور"، وذلک أن الشارع يأمر بأوامر وينهى عن نواهٍ، فإذا ما کان کذلک، فهل هذه المأمورات والمنهيات مطلوبة على سبيل التکرار؛ فتکرر أبدا؟ وکذا هل هي مطلوب الإتيان بها على الفور والتو، والانتهاء عنها على هذا النحو؟ وبعبارة أخرى: هل مقتضى صيغة الأمر والنهي، التکرار والفور، بوضع اللغة؟ أم أن التکرار والفور يُستفادان من قرائن أخرى تحتف بالأمر والنهي؟
وحتى أجيب على ذلک تناولت فيه مجموعة من المسائل، ينتج عنها في آخر الأمر الإجابة على هذا التساؤل، وهي: ما يدل عليه الأمر المطلق من المرة أو التکرار، وإفادة الأمر المعلق بشرط أو صفة للتکرار من عدمه، وما يقتضيه الأمران المتعاقبان من التکرار والتأسيس، أو التأکيد، وما يفيده الأمر من الفور أو التراخي، وما يدل عليه النهي المطلق من المرة أو التکرار والفور أو التراخي.
مع الحرص في آخر کل مسألة على تناول بعض الفروع والتطبيقات المخرجة على الراجح فيها، أو عليها على وجه العموم؛ لنتعرف على شيء من أثرها في النصوص الشرعية والفروع الفقهية؛ إذ هو المقصود الأهم من الدراسات الأصولية.
وقد انتهى البحث إلى أن الأمر المطلق  العري عن القرائن، لا يدل على مرة ولا تکرار بصيغته، وإنما يدل على طلب إيقاع المأمور به فقط، وهو يتحقق بالمرة الواحدة.
کما أن الأمر المعلق على شرط أو صفة، يکون للتکرار إن قلنا بأن الأمر المطلق للتکرار. والراجح أنه ليس للتکرار إن قلنا: إن الأمر المطلق لا يفيد التکرار.
أما الأمران المتماثلان المتعاقبان غير المتعاطفين، والمأمور فيهما قابل للتکرار، ولا يمنع منه مانع: فالراجح فيه أن الأمر الثاني منهما يفيد طلب الإتيان بالمأمور به مکررا.
وکذا الأمر المطلق عن زمن مطلوب إيقاعه فيه، صرح القائلون بأنه يفيد التکرار أنه يفيد الفور کذلک، أما القائلون بأن المطلق لا يقتضي التکرار، فالراجح من کلامهم أنه موضوع للقدر المشترک بين الفور والتراخي، ولا يدل على واحد منهما بخصوصه إلا بقرينة دالة على ذلک؛ فالفور والتراخي أمران خارجان عن حقيقة الأمر، وإن کانت المبادرة إلى فعل المأمور به مندوبا إليها.
أما النهي المجرد عن قيد بمرة أو زمان معين، فالراجح کما عليه الجمهور أنه يقتضي المبادرة إلى ترک المنهي عنه على الفور، ويقتضي تکرار الانتهاء عنه أبدا.
لکن إن قيد النهي بالتکرار: فهو للتکرار، ولا خلاف فيه، أما إن قيد بالمرة: فقد اخْتُلف فيه على قولين، أحدهما: أن النهي إن قُيِّد بالمرة حمل عليها، وثانيهما: أن النهي إن قيد بالمرة أفاد التکرار، کالنهي المطلق سواء بسواء. وکذلک: إن قيد النهي بالتراخي: حمل عليه.