مسؤولية الفتوى الشرعية وعلاقتها بالوسطية والتطرف

نوع المستند : أبحاث متخصصة فی الفقه والأصول

المؤلف

أستاذ أصول الفقه المساعد بکلية الشريعة والقانون بطنطا

المستخلص

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين ... وبعد:
فإن الفتوى في الدين مقامها عظيم، وأثرها في الناس خطير، فالمفتي موقع عن رب العالمين، وقائم على الأمة مقام النبي الأمين صلى الله عليه وسلم. ومعلوم أن من مقاصد الشارع من المکلفين: حملهم على التوسط في شأنهم کله من أمور الدنيا والدين، من غير إفراط ولا تفريط، وأيّ خروج عن هذا المنهج الوسط، هو في حقيقته خروج عن قصد الشارع.
وهذا الحمل على التوسط، هو المنهج الذي طبقه الرسول صلى الله عليه وسلم، والصحابة (رضي الله عنهم)، والأئمة الأعلام من بعدهم.
فالمفتي البالغ ذروة الاجتهاد، هو الذي يحمل الناس على المعهود الوسط فيما يليق بالجمهور، فلا يذهب بهم مذهب الشدة، ولا يميل بهم إلى طرف الانحلال؛ لعلمه أن الإسلام دين سماحة ويسر، ورحمة وتفاهم، وأن قواعد الشريعة مرنة مناسبة لکل زمان ومکان، ولعلمه أن الاختلاف الفرعي البناء يولد الاحترام والتقدير؛ لأنه في الحقيقة توسع وتنوع، ليس فيه تضاد ولا تنطع، وهو ثمرة طبيعية للاجتهاد الذي جاءت به الشريعة الإسلامية، والطبيعة البشرية.
وأن الفتوى الصحيحة سبب مباشر في إزالة الجهل، وتجميع الأمة وتوحيدها، وتوثيق صلتها بعلمائها، وإعانة للناس على أداء التکاليف الشرعية على الوجه الصحيح، وهذه أمور تؤدي إلى صلاح الفرد وسلامة المجتمع.